هل نحن نعيش فتن آخر الزمان؟
في هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، نحن في آخر الزمان بالدليل القاطع فتن تموج كموج البحر وتدخل وسط بيوتنا.إن من أهم المعارف التي لابد أن يلم بها المسلم لفهم واقعه والتبصر في مستقبله هي النبوءات التي جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأشراط الساعة التي نبّهنا لها، ولهذا فقد انشغل المسلمون منذ صدر الإسلام الأول بأحاديث آخر الزمان والفتن وعلامات يوم القيامة، والتي تناولت أخبار الغيب والحديث عما سيكون فأشبعت فضول المسلمين خاصة وهم يشهدونها تتحقق تباعًا في كل وقت يحين زمانها، بل ترسخ معها إيمانهم ويقينهم، إنها من دلائل النبوة، ومما تميّزت به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من معرفة بالقادم، مع العلم أن النبي لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه.ولا شك أن الإيمان بما في اليوم الآخر وعلاماته من الإيمان بالغيب الذي لا يدركه العقل، ولا سبيل لمعرفته إلا بالنص عن طريق الوحي. قال تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وفي هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، أدركها البعض ونبّهوا لها وهم في خشية وخوف متلازمين، لأنهم يعلمون يقينًا أنها الوعد الحق الذي لا مناص لبشر ولا مخلوق منه، بينما غفل عنها آخرون وتجاهلوها، فكان التخاذل والغبن. قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).وشتان بين سلوك المصدق بيوم الدين الذي يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدُّنيا وبين سلوك المكذب أو الغافل عنه، فالأول له سلوك فريد يتميّز بالاستقامة وقوة الإيمان والبصيرة بالواقع والمستقبل، والثبات والصبر على المصائب والشدائد، أما الثاني فأي ريح تقتلع جذور قناعاته وترمي به في صحاري الهوى والخوف والتيه والحسرة .
هل نحن حقًا على أعتاب النهاية؟ وفي أي مرحلة نكون؟
لقد اختار جمع من العلماء تقسيم علامات الساعة إلى صغرى وكبرى، بينما قسمها آخرون إلى ثلاثة أقسام وجعلوا بين الصغرى والكبرى: الوسطى وأشاروا لها بزمن المهدي، وقسموا الصغرى إلى ثلاثة أقسام:
• قسم منها انقضى
• وقسم لا يزال يتكرر
• وقسم لم يقع بعد
في حين رجح آخرون تقسيم الأشراط إلى القسمين التاليين: علامات قبل موعد الساعة ومنها العلامات الصغرى والكبرى، وعلامات أثناء قيام الساعة وهي تحديدًا الكبرى التي تصاحب قيامها.
---العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة
فأما العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة فلا يمكن ترتيبها بشكل ثابت وقطعي، فقد تكون وقعت أو تتكرر أو لم تقع بعد وقد تظهر في مكان أكثر من غيره أو في زمن أكثر من غيره، وهي تمهيد لأشراط الساعة الكبرى والتي بمجرد أن تبدأ أولاها فإنها تتسلسل تباعًا ويتغير حال الأرض بين يوم وليلة، فلا يمكن للإنسان أن يعول على ترتيب أو ظهور للأشراط الصغرى إلا من حيث التهيؤ لمرحلة تغيرات عظمى ستحل بالأرض فجأة، لن يكون له فيها وقت للاستدراك أو النجاة ما لم يعد نفسه لذلك اليوم.
---أشراط الساعة الكبرى
أشراط الساعة الكبرى إذا ما ظهرت أولاها، تتابعت كتتابع الخرز في النظام إذا انفرط عقده، وإذا طلعت الشمس من مغربها؛ قفل باب التوبة، وختم على الأعمال، فلا ينفع بعد ذلك إيمان ولا توبة؛ إلا من كان قبل ذلك مؤمنًا أو تائبًا: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).فطوبى لمن تأهب لما بعد الموت واتعظ واعتبر من أشراط الساعة الصغرى فلم يغفل ولم يرتاب، إننا نتحدث عن أكثر من 100 علامة وما من قرن إلا وظهرت فيه بعضها وأما في قرننا فما أكثرها، وحتى نضبط عدّاد الزمن، فلننظر في أي مرحلة أصبحنا اليوم حسب أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
---في أي مرحلة نحن؟
إن هذه المرحلة التي نمر فيها هي مرحلة انحسار هيمنة الحكم الجبري وانشغال الأمة بالجهاد الموزع على ثغور المسلمين الحساسة والرئيسية، وقد ظهر حصار الروم لنا في العراق والشام، وارتفعت معه درجة وعي المسلمين ورغبتهم في انتزاع حرياتهم ولو على حساب دمائهم لإقامة العدل الذي يحققه لهم دينهم، فإن جمعنا معها باقي أشراط الساعة التي ثبتت وبشرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمرحلة يعمّ بين المسلمين فيها العدل ويظهر فيها المهدي، فإننا نتوقع اقتراب مرحلة أشراط الساعة الكبرى أكثر من أي وقت مضى.
فعلامات الساعة الصغرى هي العلامات المتقدمة ليوم القيامة، والفرق بينها وبين علامات الساعة الكبرى أن الكبرى يعقبها قريباً قيام الساعة، ويكون لها تأثيرٌ كبير، ويَشعر بها جميع الناس، أما الصغرى فقد تتقدم على الساعة بزمن، وتقع في مكان دون مكان، ويشعر بها قوم دون قوم.
---العلامات الكبرى
وهي التي تعقبها الساعة إذا ظهرت وهي عشر علامات.
قال حذيفة رضي الله عنه: "اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال: ما تذكرون؟ قالوا نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر:
1. الدخان.
2. الدجال.
3. الدابة.
4. طلوع الشمس من مغربها.
5. نزول عيسى بن مريم عليه السلام.
6. يأجوج ومأجوج.
7. خسف بالمشرق.
8. خسف بالمغرب.
9. خسف بجزيرة العرب.
10. نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
----علامات أخرى
1. تهاجم مكة المكرمة وتهدم الكعبة.
2. ريح طيبة من الجنوب تميت المؤمنين بسلام.
----في الإسلام، عدد من علامات الساعة الصغرى وعلامات الساعة الكبرى تسبق نهاية الزمان. هناك نقاش حول ما إذا كانت هذه العلامات ستحدث في وقت واحد، أو على فترات من الزمن، ويصنفها العلماء المسلمين عادة إلى ثلاثة فترات كبرى.
-يظهر الشذوذ الجنسي بين الناس حتى يرتكبون الخطيئة بشكل عمومي، وستصيبهم الأمراض والأوبئة التي لم يكن آبائهم يعرفونها.
-يغش الناس في القسط والميزان (التجارة، الاقتصاد...) فيصابون بالمجاعة والمصائب والاضطهاد كنتيجة لعملهم.
-يوقفون العمل الخيري والصدقة ويتفاخرون بالثراء، فيتوقف المطر ولا تمطر السماء إلا للحيوانات.
-يخونون عهدهم مع الله ورسوله فيسمح الله لأعدائهم ليصبحوا أقوياء ويسلبوهم بعض ممتلكاتهم.
-من لا يعيش وفق تعاليم كتاب الله يحارب نفسه بنفسه.
-عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ ؟ قَالُوا: أَجَلْ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ ! قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
-(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ـ الحصيرة كم عوداً فيها ؟ فيها ألوف ـ فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)[ أخرجه مسلم].
----- أقسام القلوب بالنظر إلى الفتن
(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ))
فتنة الشاشة، فتنة الإنترنت، فتنة المحمول، فتنة الاختلاط، فتنة المجلات، فتنة السينما، فتنة المرأة الكاسية العارية، فتنة الربا.
(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ))
كل عود له أثر في القلب نكتة سوداء.
(( وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ))
أي حتى ينقسم البشر إلى نموذجين.
(( عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ))
وما أقلَّهم.(( مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))
ما معنى ذلك ؟ المُرْباد شديد السواد ظلمة ما بعدها ظلمة، سواد داكن، سواد لا ترى فيه إلا السواد، لا بصيص نور، ولا خيطاً رمادياً، كالكوز، القلب وعاء، لكن هذا الوعاء (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))، مقلوب لا يمكن أن يأخذ شيئا، ضع الكأس على عكس وضعه، صب فيه الماء، وقعره نحو الأعلى، (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا )) أي منكوساً.
(( لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ))
هذا واقع العالم اليوم، قلب أبيض لا تضره فتنة، لأنه أنكر هذه الفتن فتنةً فتنة، فهي كالحصير، فيه أعواد لا تعد ولا تحصى، وكل عود فتنة، وقلب آخر أسود داكن، (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))، أي مقلوباً ليس فيه خير إطلاقاً،
(( لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ))
الآن العالم منقسم قسمين، مؤمن وكافر، محسن ومجرم، صادق وكاذب، منضبط ومتفلت، وهكذا، وهذا الانقسام في كل مكان، وفي كل زمان، وفي كل مجتمع، إلا أن القسم الأقل هو القسم الأول.أيها الإخوة الكرام، تعوذوا بالله من أن نكون مع القسم الثاني، مع القسم الذي يعم معظم الناس.
-الحديث الثاني:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ:(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي ؟ قَالَ: فُلَانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:﴿ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ ))[أخرجه البخاري، ومسلم. وأخرج الترمذي منه طَرفا يسيرا ]
يبدو أن الله أطلعه على ما سيكون في آخر الزمان.
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ))
في العصور الثلاثة الأولى كان فيها الإسلام متألقاً، وكان فيه بطولات، ووفاء، وكرم، وحياء، ومروءة، وجدة، طبعاً امرأة قالت: وا معتصماه، المعتصم لم يجلس حتى جهز جيشاً، وغزا الروم، وأنقذها.
رُبّ وا معتصما انطلقت ملء أفواه البنات اليتــم
لامست أسماعهم لـكنها لم تلامس نخوة المعتصم
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ))
- بكاء منخفض لهذا لا نسمعه.
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ))
- يظهر النفاق.
موجة نفاق تجتاح العالم، النفاق للأقوياء، ولو كانوا مجرمين، والنفاق للأغنياء، ولو كانوا مبذرين.يظهر النفاق، وترفع الأمانة، ويكثر الاحتيال والكذب، والدجل وابتزاز أموال الناس، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين.
- من علامات قيام الساعة أن الحياء ينزع من وجوه النساء، وأن النخوة تنزع من رؤوس الرجال، وأن الرحمة تنزع من قلوب الأمراء، فلا حياء في وجوه النساء، ولا نخوة في رؤوس الرجال، ولا رحمة في قلوب الأمراء.
---الحديث الثالث:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَيَتَقَارَبَ الْأَسْوَاقُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ: الْقَتْلُ ))[ أحمد ]
تنتقل من طرف الدنيا إلى طرفها الآخر في ساعات، وتتصل مع أقصى مكان في الدنيا في ثوان، العلم وتظهر الفتن ويكثر الكذب، ويتقارب الزمان، وتتقارب الأسواق.
(( وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ: الْقَتْلُ ))
قتل كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيم قتل، يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه.
وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، وحتى يتطاول الناس في البنيان، الأبراج خمسون طابقًا فما فوق، تسعون طابقًا فما فوق، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه.
---الحديث الرابع:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ، فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))[ الترمذي ]
---الحديث الخامس:
عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))[ متفق عليه ]
أطلعه أن أمته من بعده سترجع كفاراً، فما علامة كفرها ؟
(( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))
قتل، ذبح، تمثيل، تعذيب، إبعاد، تشريد.
---الحديث السادس:
ويقول عليه الصلاة والسلام:((سيكون بعدي سلاطين الفتن، على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً إلا أخذوا من دينه مثله ))(الجامع الصغير بسند ضعيف )
العطاء مقابل أن تتنازل عن دينك، لا يعطون أحداً شيئاً إلا أخذوا من دينه أضعافاً، وهناك أناس فهموا الإسلام فهماً معكوساً، فهموه تكفيراً، فهموه تشريكاً، فهموه قتلاً، فهموه استعلاءً، فهموه وصاية.
---الحديث السابع:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ))[ الترمذي ]
---الحديث الثامن:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ أَقْوَامٌ دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ))
يبيع دينه من أجل منصب، من أجل مبلغ.[ الترمذي ]
بيع الدين بقليل من الدنيا(اذا جاء مبلغ فلكي مقابل أن تكتب عن الموت أنه كان طبيعياً )، والموت كان قتلاً، باع دينه كله بهذا التقرير، يبيع أحدكم دينه بعرض من الدنيا قليل، كان مؤمناً فأصبح كافراً، أمسى مؤمناً فأصبح كافراً، أو أصبح مؤمناً فأمسى كافراً.
هذا من علامات آخر الزمان، والمؤمن لا يباع ولا يشترى، المؤمن رقم صعب، لكن المنافق رقم سهل، له ثمن محدود، هناك إنسان يُشترَى بألف دينار، وإنسان بمليون، و إنسان بخمسة ملايين يبيع دينه، يبيع ورعه، يبيع صلاته، يبيع صيامه، وحجه، وزكاته.
---الحديث التاسع:
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ))
أكبر وعيد توعد الله فيه الناس في القرآن أن تقتل مؤمناً متعمداً، وهذا يقع كل يوم، المؤمنون يقتلون من قبل مؤمنين، القائم القاتل والمقتول في النار، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
---الحديث العاشر:
أيها الإخوة الكرام، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّتَكَ سَتُفْتَتَنُ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ سُئِلَ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا ؟ قَالَ:(( الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، مَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ جَبَّارٍ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ قَصَمَهُ اللَّهُ، هُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، فِيهِ خَبَرُ مَنْ قَبْلَكُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، وَهُوَ الَّذِي سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ قَالُوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ، وَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ )) ( رواه الدارمي، وفي إسناده مقال).
---الحديث الحادي عشر:
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ؟ واحدة في الجنة وسائرهن في النار ؟ قلت: ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، الأمر بيد النساء، امرأة تزلزل أكبر رجل، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولاً، والزكاة مغرماً، والأمانة مغنماً، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، الصحابة الكبار لُعنوا، وساد القبيلة فاسقهم، أفسق واحد سيدها، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره، فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم ))[ الجامع الصغير قريبا منه عن أبي هريرة بسند فيه ضعف ]
---الحديث الثاني عشر:
عَنْ عَمْرو بْن الْعَاصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي أَتَتْنِي الْمَلَائِكَةُ، فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا فَالْإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ ))[أحمد بإسناد صحيح]
---هذا هو المخرج من الفتن
ليس هناك حل، مهما تعددت الحلول، إلا أن نصطلح مع الله، لأن الله أعزنا في الماضي بالإسلام، ولن يعزنا بشيء آخر، لا حل إلا أن نقيم الإسلام في بيوتنا، والحل الذي أضعه بين أيديكم بإمكان كل واحد منا تطبيقه، دعك من المجموع، دعك من الأقوياء، دعك من الطواغيت، أقم الإسلام في بيتك، وأقمه في عملك، وانتظر من الله النصر، قال تعالى:
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ ﴾( سورة الزمر: الآية 66 )
الحل الأول والأخير القرآن الكريم أن نعود إليه، وأن نعود إلى فهمه من السنة الصحيحة، ومن فهم الأجيال الثلاثة من صحابة رسول الله، فإذا عدنا إلى الله عاد الله لنصرنا، واستعدنا دورنا القيادي، وأصبحنا أعلاماً بين الأمم، أما الآن فوالله نحن مضغة الأفواه بين الأمم، ويسخر بقصصنا، نتقاتل، لسنا مؤهلين أن نحكم أنفسنا، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
(( أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، ثَلَاثَ مِرَارٍ ))[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم عن عمر ].
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ ))[ أحمد ]
الزم الجماعة، كن مع المؤمنين، لا تنفرد برأي، خذ رأي العلماء الأجلاء الربانيين الورعين، لا تجتهد من عند نفسك، لا تسبب للمسلمين متاعب لا تنتهي، المسلمون سلمهم واحدة، وحربهم واحدة .قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: << يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة >>.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين .نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
في هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، نحن في آخر الزمان بالدليل القاطع فتن تموج كموج البحر وتدخل وسط بيوتنا.إن من أهم المعارف التي لابد أن يلم بها المسلم لفهم واقعه والتبصر في مستقبله هي النبوءات التي جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأشراط الساعة التي نبّهنا لها، ولهذا فقد انشغل المسلمون منذ صدر الإسلام الأول بأحاديث آخر الزمان والفتن وعلامات يوم القيامة، والتي تناولت أخبار الغيب والحديث عما سيكون فأشبعت فضول المسلمين خاصة وهم يشهدونها تتحقق تباعًا في كل وقت يحين زمانها، بل ترسخ معها إيمانهم ويقينهم، إنها من دلائل النبوة، ومما تميّزت به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من معرفة بالقادم، مع العلم أن النبي لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه.ولا شك أن الإيمان بما في اليوم الآخر وعلاماته من الإيمان بالغيب الذي لا يدركه العقل، ولا سبيل لمعرفته إلا بالنص عن طريق الوحي. قال تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وفي هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، أدركها البعض ونبّهوا لها وهم في خشية وخوف متلازمين، لأنهم يعلمون يقينًا أنها الوعد الحق الذي لا مناص لبشر ولا مخلوق منه، بينما غفل عنها آخرون وتجاهلوها، فكان التخاذل والغبن. قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).وشتان بين سلوك المصدق بيوم الدين الذي يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدُّنيا وبين سلوك المكذب أو الغافل عنه، فالأول له سلوك فريد يتميّز بالاستقامة وقوة الإيمان والبصيرة بالواقع والمستقبل، والثبات والصبر على المصائب والشدائد، أما الثاني فأي ريح تقتلع جذور قناعاته وترمي به في صحاري الهوى والخوف والتيه والحسرة .
هل نحن حقًا على أعتاب النهاية؟ وفي أي مرحلة نكون؟
لقد اختار جمع من العلماء تقسيم علامات الساعة إلى صغرى وكبرى، بينما قسمها آخرون إلى ثلاثة أقسام وجعلوا بين الصغرى والكبرى: الوسطى وأشاروا لها بزمن المهدي، وقسموا الصغرى إلى ثلاثة أقسام:
• قسم منها انقضى
• وقسم لا يزال يتكرر
• وقسم لم يقع بعد
في حين رجح آخرون تقسيم الأشراط إلى القسمين التاليين: علامات قبل موعد الساعة ومنها العلامات الصغرى والكبرى، وعلامات أثناء قيام الساعة وهي تحديدًا الكبرى التي تصاحب قيامها.
---العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة
فأما العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة فلا يمكن ترتيبها بشكل ثابت وقطعي، فقد تكون وقعت أو تتكرر أو لم تقع بعد وقد تظهر في مكان أكثر من غيره أو في زمن أكثر من غيره، وهي تمهيد لأشراط الساعة الكبرى والتي بمجرد أن تبدأ أولاها فإنها تتسلسل تباعًا ويتغير حال الأرض بين يوم وليلة، فلا يمكن للإنسان أن يعول على ترتيب أو ظهور للأشراط الصغرى إلا من حيث التهيؤ لمرحلة تغيرات عظمى ستحل بالأرض فجأة، لن يكون له فيها وقت للاستدراك أو النجاة ما لم يعد نفسه لذلك اليوم.
---أشراط الساعة الكبرى
أشراط الساعة الكبرى إذا ما ظهرت أولاها، تتابعت كتتابع الخرز في النظام إذا انفرط عقده، وإذا طلعت الشمس من مغربها؛ قفل باب التوبة، وختم على الأعمال، فلا ينفع بعد ذلك إيمان ولا توبة؛ إلا من كان قبل ذلك مؤمنًا أو تائبًا: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).فطوبى لمن تأهب لما بعد الموت واتعظ واعتبر من أشراط الساعة الصغرى فلم يغفل ولم يرتاب، إننا نتحدث عن أكثر من 100 علامة وما من قرن إلا وظهرت فيه بعضها وأما في قرننا فما أكثرها، وحتى نضبط عدّاد الزمن، فلننظر في أي مرحلة أصبحنا اليوم حسب أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
---في أي مرحلة نحن؟
إن هذه المرحلة التي نمر فيها هي مرحلة انحسار هيمنة الحكم الجبري وانشغال الأمة بالجهاد الموزع على ثغور المسلمين الحساسة والرئيسية، وقد ظهر حصار الروم لنا في العراق والشام، وارتفعت معه درجة وعي المسلمين ورغبتهم في انتزاع حرياتهم ولو على حساب دمائهم لإقامة العدل الذي يحققه لهم دينهم، فإن جمعنا معها باقي أشراط الساعة التي ثبتت وبشرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمرحلة يعمّ بين المسلمين فيها العدل ويظهر فيها المهدي، فإننا نتوقع اقتراب مرحلة أشراط الساعة الكبرى أكثر من أي وقت مضى.
فعلامات الساعة الصغرى هي العلامات المتقدمة ليوم القيامة، والفرق بينها وبين علامات الساعة الكبرى أن الكبرى يعقبها قريباً قيام الساعة، ويكون لها تأثيرٌ كبير، ويَشعر بها جميع الناس، أما الصغرى فقد تتقدم على الساعة بزمن، وتقع في مكان دون مكان، ويشعر بها قوم دون قوم.
---العلامات الكبرى
وهي التي تعقبها الساعة إذا ظهرت وهي عشر علامات.
قال حذيفة رضي الله عنه: "اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال: ما تذكرون؟ قالوا نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر:
1. الدخان.
2. الدجال.
3. الدابة.
4. طلوع الشمس من مغربها.
5. نزول عيسى بن مريم عليه السلام.
6. يأجوج ومأجوج.
7. خسف بالمشرق.
8. خسف بالمغرب.
9. خسف بجزيرة العرب.
10. نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
----علامات أخرى
1. تهاجم مكة المكرمة وتهدم الكعبة.
2. ريح طيبة من الجنوب تميت المؤمنين بسلام.
----في الإسلام، عدد من علامات الساعة الصغرى وعلامات الساعة الكبرى تسبق نهاية الزمان. هناك نقاش حول ما إذا كانت هذه العلامات ستحدث في وقت واحد، أو على فترات من الزمن، ويصنفها العلماء المسلمين عادة إلى ثلاثة فترات كبرى.
-يظهر الشذوذ الجنسي بين الناس حتى يرتكبون الخطيئة بشكل عمومي، وستصيبهم الأمراض والأوبئة التي لم يكن آبائهم يعرفونها.
-يغش الناس في القسط والميزان (التجارة، الاقتصاد...) فيصابون بالمجاعة والمصائب والاضطهاد كنتيجة لعملهم.
-يوقفون العمل الخيري والصدقة ويتفاخرون بالثراء، فيتوقف المطر ولا تمطر السماء إلا للحيوانات.
-يخونون عهدهم مع الله ورسوله فيسمح الله لأعدائهم ليصبحوا أقوياء ويسلبوهم بعض ممتلكاتهم.
-من لا يعيش وفق تعاليم كتاب الله يحارب نفسه بنفسه.
-عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ ؟ قَالُوا: أَجَلْ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ ! قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
-(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ـ الحصيرة كم عوداً فيها ؟ فيها ألوف ـ فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)[ أخرجه مسلم].
----- أقسام القلوب بالنظر إلى الفتن
(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ))
فتنة الشاشة، فتنة الإنترنت، فتنة المحمول، فتنة الاختلاط، فتنة المجلات، فتنة السينما، فتنة المرأة الكاسية العارية، فتنة الربا.
(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ))
كل عود له أثر في القلب نكتة سوداء.
(( وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ))
أي حتى ينقسم البشر إلى نموذجين.
(( عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ))
وما أقلَّهم.(( مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))
ما معنى ذلك ؟ المُرْباد شديد السواد ظلمة ما بعدها ظلمة، سواد داكن، سواد لا ترى فيه إلا السواد، لا بصيص نور، ولا خيطاً رمادياً، كالكوز، القلب وعاء، لكن هذا الوعاء (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))، مقلوب لا يمكن أن يأخذ شيئا، ضع الكأس على عكس وضعه، صب فيه الماء، وقعره نحو الأعلى، (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا )) أي منكوساً.
(( لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ))
هذا واقع العالم اليوم، قلب أبيض لا تضره فتنة، لأنه أنكر هذه الفتن فتنةً فتنة، فهي كالحصير، فيه أعواد لا تعد ولا تحصى، وكل عود فتنة، وقلب آخر أسود داكن، (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))، أي مقلوباً ليس فيه خير إطلاقاً،
(( لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ))
الآن العالم منقسم قسمين، مؤمن وكافر، محسن ومجرم، صادق وكاذب، منضبط ومتفلت، وهكذا، وهذا الانقسام في كل مكان، وفي كل زمان، وفي كل مجتمع، إلا أن القسم الأقل هو القسم الأول.أيها الإخوة الكرام، تعوذوا بالله من أن نكون مع القسم الثاني، مع القسم الذي يعم معظم الناس.
-الحديث الثاني:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ:(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي ؟ قَالَ: فُلَانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:﴿ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ ))[أخرجه البخاري، ومسلم. وأخرج الترمذي منه طَرفا يسيرا ]
يبدو أن الله أطلعه على ما سيكون في آخر الزمان.
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ))
في العصور الثلاثة الأولى كان فيها الإسلام متألقاً، وكان فيه بطولات، ووفاء، وكرم، وحياء، ومروءة، وجدة، طبعاً امرأة قالت: وا معتصماه، المعتصم لم يجلس حتى جهز جيشاً، وغزا الروم، وأنقذها.
رُبّ وا معتصما انطلقت ملء أفواه البنات اليتــم
لامست أسماعهم لـكنها لم تلامس نخوة المعتصم
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ))
- بكاء منخفض لهذا لا نسمعه.
(( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ))
- يظهر النفاق.
موجة نفاق تجتاح العالم، النفاق للأقوياء، ولو كانوا مجرمين، والنفاق للأغنياء، ولو كانوا مبذرين.يظهر النفاق، وترفع الأمانة، ويكثر الاحتيال والكذب، والدجل وابتزاز أموال الناس، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين.
- من علامات قيام الساعة أن الحياء ينزع من وجوه النساء، وأن النخوة تنزع من رؤوس الرجال، وأن الرحمة تنزع من قلوب الأمراء، فلا حياء في وجوه النساء، ولا نخوة في رؤوس الرجال، ولا رحمة في قلوب الأمراء.
---الحديث الثالث:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَيَتَقَارَبَ الْأَسْوَاقُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ: الْقَتْلُ ))[ أحمد ]
تنتقل من طرف الدنيا إلى طرفها الآخر في ساعات، وتتصل مع أقصى مكان في الدنيا في ثوان، العلم وتظهر الفتن ويكثر الكذب، ويتقارب الزمان، وتتقارب الأسواق.
(( وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ: الْقَتْلُ ))
قتل كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيم قتل، يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه.
وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، وحتى يتطاول الناس في البنيان، الأبراج خمسون طابقًا فما فوق، تسعون طابقًا فما فوق، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه.
---الحديث الرابع:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ، فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))[ الترمذي ]
---الحديث الخامس:
عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))[ متفق عليه ]
أطلعه أن أمته من بعده سترجع كفاراً، فما علامة كفرها ؟
(( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ))
قتل، ذبح، تمثيل، تعذيب، إبعاد، تشريد.
---الحديث السادس:
ويقول عليه الصلاة والسلام:((سيكون بعدي سلاطين الفتن، على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً إلا أخذوا من دينه مثله ))(الجامع الصغير بسند ضعيف )
العطاء مقابل أن تتنازل عن دينك، لا يعطون أحداً شيئاً إلا أخذوا من دينه أضعافاً، وهناك أناس فهموا الإسلام فهماً معكوساً، فهموه تكفيراً، فهموه تشريكاً، فهموه قتلاً، فهموه استعلاءً، فهموه وصاية.
---الحديث السابع:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ))[ الترمذي ]
---الحديث الثامن:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ أَقْوَامٌ دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ))
يبيع دينه من أجل منصب، من أجل مبلغ.[ الترمذي ]
بيع الدين بقليل من الدنيا(اذا جاء مبلغ فلكي مقابل أن تكتب عن الموت أنه كان طبيعياً )، والموت كان قتلاً، باع دينه كله بهذا التقرير، يبيع أحدكم دينه بعرض من الدنيا قليل، كان مؤمناً فأصبح كافراً، أمسى مؤمناً فأصبح كافراً، أو أصبح مؤمناً فأمسى كافراً.
هذا من علامات آخر الزمان، والمؤمن لا يباع ولا يشترى، المؤمن رقم صعب، لكن المنافق رقم سهل، له ثمن محدود، هناك إنسان يُشترَى بألف دينار، وإنسان بمليون، و إنسان بخمسة ملايين يبيع دينه، يبيع ورعه، يبيع صلاته، يبيع صيامه، وحجه، وزكاته.
---الحديث التاسع:
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ))
أكبر وعيد توعد الله فيه الناس في القرآن أن تقتل مؤمناً متعمداً، وهذا يقع كل يوم، المؤمنون يقتلون من قبل مؤمنين، القائم القاتل والمقتول في النار، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
---الحديث العاشر:
أيها الإخوة الكرام، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّتَكَ سَتُفْتَتَنُ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ سُئِلَ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا ؟ قَالَ:(( الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، مَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ جَبَّارٍ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ قَصَمَهُ اللَّهُ، هُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، فِيهِ خَبَرُ مَنْ قَبْلَكُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، وَهُوَ الَّذِي سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ قَالُوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ، وَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ )) ( رواه الدارمي، وفي إسناده مقال).
---الحديث الحادي عشر:
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ؟ واحدة في الجنة وسائرهن في النار ؟ قلت: ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، الأمر بيد النساء، امرأة تزلزل أكبر رجل، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولاً، والزكاة مغرماً، والأمانة مغنماً، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، الصحابة الكبار لُعنوا، وساد القبيلة فاسقهم، أفسق واحد سيدها، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره، فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم ))[ الجامع الصغير قريبا منه عن أبي هريرة بسند فيه ضعف ]
---الحديث الثاني عشر:
عَنْ عَمْرو بْن الْعَاصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي أَتَتْنِي الْمَلَائِكَةُ، فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا فَالْإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ ))[أحمد بإسناد صحيح]
---هذا هو المخرج من الفتن
ليس هناك حل، مهما تعددت الحلول، إلا أن نصطلح مع الله، لأن الله أعزنا في الماضي بالإسلام، ولن يعزنا بشيء آخر، لا حل إلا أن نقيم الإسلام في بيوتنا، والحل الذي أضعه بين أيديكم بإمكان كل واحد منا تطبيقه، دعك من المجموع، دعك من الأقوياء، دعك من الطواغيت، أقم الإسلام في بيتك، وأقمه في عملك، وانتظر من الله النصر، قال تعالى:
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ ﴾( سورة الزمر: الآية 66 )
الحل الأول والأخير القرآن الكريم أن نعود إليه، وأن نعود إلى فهمه من السنة الصحيحة، ومن فهم الأجيال الثلاثة من صحابة رسول الله، فإذا عدنا إلى الله عاد الله لنصرنا، واستعدنا دورنا القيادي، وأصبحنا أعلاماً بين الأمم، أما الآن فوالله نحن مضغة الأفواه بين الأمم، ويسخر بقصصنا، نتقاتل، لسنا مؤهلين أن نحكم أنفسنا، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
(( أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، ثَلَاثَ مِرَارٍ ))[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم عن عمر ].
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ ))[ أحمد ]
الزم الجماعة، كن مع المؤمنين، لا تنفرد برأي، خذ رأي العلماء الأجلاء الربانيين الورعين، لا تجتهد من عند نفسك، لا تسبب للمسلمين متاعب لا تنتهي، المسلمون سلمهم واحدة، وحربهم واحدة .قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: << يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة >>.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين .نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.